-->

تطبيق الاتفاقيات الدولية امام القاضي الجزائي الجزائري

حجم خط المقالة



تطبيق الاتفاقيات الدولية امام القاضي الجزائي الجزائري

الباحثة :بلعلوي فاطمة .


المقدمة

ان الانتشار الكبير للجريمة الدولية ادى للبحث عن وسائل تحد من هذه الظاهرة وهذا ما اضفرته جهودالمجتمع الدولي حيث وضعت اتفاقيات و معاهدات للحد من هاته الظواهر .كما هو مسلم به ان الفقه الدولي تسوده علاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي للبلدان  فتنتج عنها نظريات وهي نظرية مزدوجة  اي اننا نتكلمعن العلاقة بين  القانون الدولي و الداخلي عن طريق المجسد الحقيقي للقانون على المستوى الداخلي الا وهو القاضي الوطني وهذا ما سنتعرف عليه في موضوعنا هذا .

اولا :الاحالة و الاستقبال 

الاحالة هي ان يحيل احد القانونيين على الاخر مسالة معينة تدخل ضمن هذا القانون بمعنى يحسل احد القانونيين على الاخر مسالة معينة وفق لقواعد القانون المحال اليه على اعتبار ان هذه المسالة تدخل ضمن نطاقه هذا القانون ويجب ان تعالج ضمن احكامه .او بطريقة عكسية كان يحيل القانو ن الداخليعلى القانون الدولي مسالة معينة تدخل ضمن  دائرة ونطاق القانون الدولي  ويجب ان تعالج ضمن احكامه كمثال عن الاحالة من القانون الدولي العام الى القانون الداخلي  فالقانون الدولي العام ينظم الملاحة الاجنبية فيمياه الدول الاقليمية لكن يحيل للقانون الداخلي مسالة تحديد المراكب الاجنبية من المراكب الداخلية اي هل هاته المراكب تابعة للبلاد ام تتمتع بالصفة الاجنبية , وكذلك  كمثال ثان مسالة تنظيم حقوق الاجانب نجدها دائما ضمن اطر دولية و قواعد قانونية دولية و قواعد المعاهدات الدولية و قواعد العرف الدولي  لكن تحديد من يتصف بالوطنية او من ينطبق عليه وصف اجنبي  مسالة تعود للقانون الداخلي الذي .يحيلهاالقانون الدولي الى القانون الداخلي فقانون الجنسية الداخلي هو من يحددها .

 اما بالنسبة للامثلة  التي يحدث فيها عكس ذلك كان يحيل القانون الداخلي للقانون الدولي  على سبيل المثال اعفاء الممثلين الدبلوماسيين من الضرائب لكن هنا من الذي يصدق عليه وصف ممثل دبلوماسي وهنا يكون من خلال القانون الدولي .

اما الاستقبال فهو المسالة الثانية المحددة لنوع العلاقة بين القانون الداخلي و القانون الدولي من وجهة نظر انصار ازدواجية القانون  و الاستقبال هنا بمفهوم بسيط هو ان تستقبل  قواعد القانون الداخلي  قواعد القانون الدولي وتدمجها فيها بنص صريح عندئذ تكون قواعد القانون الدولي  جزءا لايتجزء من قواعد القانون الداخلي كمثال بسيط فان الدستور الامريكي ان الدستور وجميع المعاهدات التي ابرمتها الولايات المتحدة تعد القانون الاعلى للبلاد .اما في القانون الجزائري تقر ان المعاهدات الدولية  التي صادقت عليها الجمهورية الجزائرية في الدستور تندرج في القانون الوطني وتصبح ملزمة داخل الجزائر وواجبة التطبيق من كافة السلطات ,

ثانيا :سلطة القاضي الجنائي في تطبيق  الاتفاقيات الدولية 

ان القاضي الجزائي مقيد بمبدا الشرعية الجنائية وكذلك بتطبيق الاتفاقية الدولية  في حين انها ملزمة له وتسمو على التشريع الداخلي  الا انه قد لاتتحقق في احكام الاتفاقية الدولية مواصفات القاعدة القانونية الجنائية  فهنا اولا كافرق نجد ان المخاطبين فكلا القانونيين مختلفان ففي القانون الدولي يتم مخاطبة الدولوالمنظمات الدولية الاساسية اما بالنسبة للقانون الداخلي فقواعده تخاطب الافراد سواءا في علاقاتهم الاجتماعية او مع السلطات .

ومن الراجح ان القاضي الجنائئي ينحصر في تطبيق القانون الداخلي الوطني اما بالانسبة للقواعدالدولية ليس له اي سلطة في تطبيقها او تفسيرهاا الا اذا تم تحويلها الى قواعد داخلية وأن القاضي الجنائي الوطني اذا استند الى قاعدة قانونية دولية يجب ان يحولها الى قاعدة قانونية داخلية لتتماشى مع باقي القواعد القانونية الجزائية في البلاد وهذا ايضا ينطبق مع القاضي الدولي اذا استند الى قواعد قانونينة جزائية داخلية عليه تحوسلها لقواعد قانونية دولية  وما يمكننا القول الا ان ما يحكم القانون الدولي و القانون الداخلي علاقة منفصلة تحكم كلا من النظاميين .اي ان القاضي الجنائي الوطني يطبق القانون الداخلي وهذا ما تعمل به المحاكم الوطنية اما بالنسبة للاتفاقيات والقوانين الدولية فيتم تحويلها لقوانين داخلية ليتسنى للقاضي الجنائي الوطني تطبيقه وطنيا ليتماشى مع باقي القوانين الوطنية وتجسيدا لمبدا الشرعية الجنائية .

ثالثا:ضوابط تطبيق القاضي الجنائي للاتفاقيات الدولية

ان الخصوصية في القانون الجنائي تفرض على القاضي الجنائي التزامه بتطبيق القوانين الداخلية التي تسنها السلطة المختصة كما سبق لنا القول وهذا تجسيدا لمبدا الشرعية الجنائية ,وهذا يعني ان القاضي الجنائي لايمكنه الاعتماد على نصوص مستمدة من مصادر اخرى ;فمثلا ان لم يقر النص القانون الداخلي بتجريم الفعل المرتكب فان القاضي الجنائي الوطني يحكم بالبراءة .اان العمل مبدا سمو الاتفاقيات الدولية من مبادئ التي  يقضي بها المنطق القانوني .ان المادة 154 من دستور الجزائر لسنة 2020صرحت بسمو الاتفاقيات الدولية (ان المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستورتسمو على القانون ) وبمقتضى هذه المادة فان القاضي الجنائي استبعاد القانون  المخالف للاتفاقية دون ان يشكل هذا تجاوزا لاي من صلاحياته .هذا ما يجعلنا نستنتج ان الجزائر في كل من دساتيرها السابقة حول المكانة التي شهدتها لاتفاقيات الدولية في المنظومة القانونية الوطنية  يبرر لنا ممارسة الدولة  الجزائرية لسيادتها في منح في منح هاته الاتفاقيات الدولية المكانة التي تراها مناسبة  وكذا تقدير ها للدور الذي يجب عليه اداءه في سبيل تطوير المنظومة القانونية  الوطنية بحسب  ماتمليه مصالح الدولية  المشتركة .

رابعا :طرق واساليب تطبيق القاضي الجنائي الوطني للاتفاقيات الدولية 

اذا استوفت الاتفاقية الدولية شروطها الشكلية و الموضوعية  ,فانها تصبح ملزمة لجميع اطرافها وتصبح ملزمة التطبيق في المحاكم الوطنية بتطبيق مختلف احكامها;ويتم هذا التطبيق باتباع طريقتين  اما عن طريق التطبيق المباشر او التطبيق الغير مباشر ;ان التطبيق المباشر للاتفاقية نقصد به ان يلتزم القاضي بتطبيقها دون الحاجة لاصدار قانون بشانها  ويطلق على هذا النوع اسم  الاتفاقية النافذة بذاتها . وللعمل بهذا الاسلوب يجب ان تتضمن نصوص قانونية واضحة ومحددة ودقيقة ولا تحمل اي لبس او غموض ونادرا ما يكون هذا النوع يطبق على الواقع وهذا بسبب انه وبصفة نادرة قد تصاغ نصوص الاتفاقية بوضوح ودقة اما بالنسبة للتطبيق الغير مباشر فان هذا التطبيق يتم بمعرفة القاضي الوطني ويتم وفق ماتحدده السلطة التشريعية  ومنه فان الاقاضي الوطني الجنائي لايمكنه تطبيق الاتفاقية الدولية في المسائل البجنائية الا اذا تدخل المشرع واخضعها للاجراءات الشكلية المطلوبة لصياغة قانون عادي  .وبهذا فان الاتفاقية الدولية لاتدمج في القانون الداخلي الا بعد صياغتها في قاعدة قانونية داخلية ينظمها قانون العقوبات او قانون الاجراءات الجزائية .

الخاتمة 

القانون القانون الداخلي بالمعاهدات الدولية لايمكن القول عكس ذلك  وبمكانته في المنظومة القانونية الوطنية والتي يتم تجديدها عن طريق الدولة بحسب الظروف الاجتماعية و السياسية و القانونية  فالاتفاقيات الدولية تشكل مصدرا لبعض القوانين .فانه لايمكن التصريح بهذا في بعض الفروع القانونية كفرع القانون الجنائي  نظرا للخصوصية الكبيرة لهذا القانون  وهذا مايجسد لنا على ارض الواقع مبدا الشرعية الجنائية في قانون العقوبات الجزائري المادة الاولى منه (لاجريمة ولاعقوبة ولاتدبير امن الا بنص) تمنع التدخل المباشر للاتفاقيات الدولية  وعليه فان تدخل الاتفاقيات المباشر يتوقف الا اذا تم الدمج بين النص الجنائي الوطني و الاتفاقية الدولية بما لا يتعارض مع النصوص الداخلية فيتم التطبيق على ارض الواقع في المحاكم الوطنية عن طريق القالضي الجنائي الوطني وهذا تفاديا للتعارض الطي قد ينتج مع خصوصية المجتمع  حفاظا على الشرعية الجنائية التي تحفظ الحقوق و الحريات الفردية الوطنية  وهنا فمبدا سمو الاتفاقيات على القانون الجداخلي في المادة 154 من الدستور الجزائري لا اهية له  بالتسبة للقانون الجنائي الوطني  طالما ان الاتفاقية تدمج  مع القانون الوطني فتصبح جزءا منه .

قائمة المراجع

1-اطروحة دكتوراه بعنوان اثر المعاهدات الدولية على السياسية الجنائية الوطنية من اعداد الباحث قصاص عبد المجيد وتحت اشراف الدكتور علي شملال جامعة الجزائر 1.

2-الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية /العدد82 الباب الثاني الحقوق و الحريات العامة و الواجبات الفصل الاول الحقوق الاساسية و الحريات العامة /المادة 54 من التعديل الدستوري 30ديسمبر 2020.

3-محاضرات في القانون الدولي العام (العلاقة بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي ) الجزء الاول الدكتورة خنساء محمد الشمري.   




احذر انتهاك حقوق الملكية الفكرية لهذا الموقع, فيرجى الإشارة الى مصدر الإقتباس.